مِنَ المُؤسِفِ أَلا يَرى الإِنْسانُ سِوى ثَلاثَةَ أَبْعاد ، وَالإِنْسانُ إِذا لَمْ يَرى الشَّيءَ كَانَ مِنَ العَسيرِ أَن يُصَدِقَهُ ، فَأَنْتَ إِذا آذَيتَ شَخْصاً ، وَ لَم يُؤذِك ظَنَنْتَ أَنَّهُ لا يَسْتَطيعْ ، وَ إِنْ قَالَ أَنَّهُ يَسْتَطيع غَيرَ أَنَّهُ لا يُريدُ لَكَذَّبتَهُ ، وِ رُبَّما تَنْعَتُهُ بِالجُبنِْ أَو العَجْزِ أَو الخَوفِ وَ هو غَايَةَ ما صَدَّهُ عَنْكَ عَفْوُهُ عِنْدَ مَقدِرَتِهِ أَو حُبُهُ لَكَ مَعَ إِيذائِكَ لَهُ ، فَكَيفَ يُظهِرُ قُدرَتَهُ وَلا يُؤذِيَك ، كَيفَ يُثبِتُ لَكَ ذَلِك ؟!!
حَتْماً لَن يُمكِنَهُ ذَلِكَ إِلا إِذا تَرَكَ ذَلِكَ البُعْد وَ انتَقَلَ إِلى البُعْد الَّذي يُمْكِنُ أَنْ تَراه ، لا تَظُنْ أَبَداً أَنَّ مَنْ لا يَفعَلْ لا يَقدِرْ ، فَكَمْ مِنْ قادِرٍ عَلى شَرٍ تَرَكَهُ طاعَةً للهِ أَو خَشْيَةَ أَن يُقالَ عَنهُ شَراً.
في ذَلِكَ البُعْدِ تُخْتَفي الظُنونُ وَ يُشْرِقُ اليَقينُ فَتَرى كُلَّ شَيءٍ عَلى حالِهِ الصَحيح ، وَوَرائَهُ يَظْهَرُ الرْياءُ وَ الكَذِبُ و التَصَنُعُ وَ الشَّك.